قدم لنا بعض الويسكي، ولم أكُن معتادًا على شرب ذلك، فطلبت من النادل إفراغها في الحوض في غفلة من الرجل. وعندما تَبيَّن له أني جئت من مصر زادت حماسته، شقيقه وأسرته كانوا قد عادوا للتوِّ من عطلة في مصر. وبدأ الرجل المسن في الحديث عن مصر وجميع الأشياء الرائعة هناك، وتحول بسرعة إلى الحديث عن تاريخ مصر وإسرائيل.
أدهشني بشكل لافت أنه يعرف الكثير من المعلومات التاريخية وتفاصيل الحرب أكثر مني، ولكن بسرعة تحولت صفات وجهه إلى وجهة نظر مشوَّهة ومنحازة تحمل في طياتها – بصراحة – عقدة الاضطهاد والعنصرية. وقال إن العرب سيئون ومخطئون، وإنهم يسعون لقتل اليهود.
ولأنني شعرت بعدم الارتياح وأردت تغيير الموضوع، سألت النادل: لماذا يوجد جرس معلَّق على مدخل الباب؟
أجاب: إن كل من يدق الجرس يدفع لجميع الحضور مشروبًا على حسابه.
وبحماسة منقطعة النظير بدأ الرجل المسن يدق الجرس. لقد دفع فعلاً جولة للجميع!
بعدما أصابنا التعب تركت أنا وصديقي المقهى، أحسست بثقل وحدة الرجل الْمُسِنِّ بشكل كبير تُثْقِل كَتِفَيَّ وأنا أمشي إلى المنزل.